عُشان ، لاحتضان البيض ، الأول صاحبته راعت كونه أنيقاً ، متألقاً ، فأهملت قواعد السلامة رغم نصح أحبابها ، فالوضع في هذا المكان دائماً أمان ، فلا رياح تأتي لتعصف ، و لا الوحوش تأتي و تتقرب ، فلِمَ الحرص ؟ .. أما العش الثاني و هو الجار ، فقد أولى السلامة و تأمين الأمان ، و أهمل نوعاً ما الأناقة ..
كانت الجارة الحريصة صديقة الجارة الأنيقة ، يربطهما رباط الألفة و المحبة ، و تزقزقان أنغام الوفاء و الصداقة ، ترى كل واحدة في الأخرى الأنس ، و كأي مُحبتان ، تدعوا الثانية للأخرى في التسبيح ،،
و العصفورة الحريصة كأي صديقة ، تنصح صاحبتها خوفاً عليها ، و على مصير بيضها ، فهي تخشى من الدموع و الندم ، للأسف ، لم تصغي جارتها لنصحها المتكرر ، فما أجمل عشها المريح ، و طالما مرت الأيام حاملة سنابل السلام ، أطمئنت أكثر ، و زادت ثقتها بنفسها أكثر ، و لعل من الأنسب زاد الغرور المكبوت فيها ، أو زاد الكبرياء !؟ ، أم ماذا ؟!
لربما كانت متأثرة بثقافتها إيضاً ، فهي دائماً تقرأ لكُتاب كبار ، و مثقفين تراهم عِظام ، و بعكس صديقتها ، أو قد تكون متأثرة بذاتها أو نجاحاتها ، أو كونها الخاص ، ستتبع ما يحلو لها ، و ما تشعر إنه ينفعها ، متجاهلة الكثير ، أبت الاستماع للنصح ، و أغرقت صاحبتها بالحجج و العناد !
في أول الصيف ، و ذات يوم ، قبل أن تندلع خيوط الصباح ، حدث ما ليس متوقع في البال ، غدت رياح لتعصف ، رافقها بعض المطر ! .. و ما هي إلا بضع ساعات ، لترحل ، ويرحل معها البيض ، فحدث ما خشت منه الحريصة ، فقد سالت الدموع و لا ينفع الآن الندم ، و راحت تذكرها بالأحاديث ، و لكن ، لم تعترف الأنيقة بهذا ، و بررت لصاحبتها بالحجج ، و صوت الحقيقة المسكين الفقير ، خفيف و مكبوت ، و الندم شبه مخفي بداخلها ..
السؤال هو ، لماذا لا نعترف بأخطائنا ، أحياناً ننسى إننا بشر ، و نعطي أنفسنا قيمة قد لا نستحقها ، و ربما لا نقر بالغرور الموجود بداخلنا ، و نرفض أن ينزل كبريائنا ، نأبى أن نحاسب نفسنا ، أو يحاسبنا غيرنا ، أو حتى ينبهنا ، فكيف إذا حاسبنا ربنا ؟ نأبى أحياناً أن نراجع كوننا ، ذاتنا ، نأبى أحياناً أن نتنازل التنازل المثمر الحازم في الصراع ، نأبى الاستماع للهمس الذي يعرف بإن التنازل له مردود لنا ، و لربما يهمسه لنا هامس خارجي و لكن نضع أصابعنا في آذننا ، نرفض أن نتسامح بكل أبعاده ، نأبى الاعتذار لأنفسنا و غيرنا ، فكيف نعتذر لربنا ؟ نتهاون ، و نعطي للأمور ثمن التراب ، رغم إنها عظيمة و جذورها لها امتدادات طويلة ، عناد أم ماذا !.. هذا و أكثر ، و يبقى سؤالي .. لماذا ؟؟ .. أعتقد إن عليَّ أولاً أن أراجع ذاتي أكثر، أراجع أحزاني و أفراحي ، أوراقي و أيامي ، أراجع كل نقطة في حياتي ، أتأمل أكثر ، و استكشف الجوهر قبل أن أرى الغطاء ، و أحاول أن أشق على نفسي تطبيق ما كتبت ! ، سأحاول قدر المستطاع التخلص من قيود الشهوة و الوساوس ، و قيود الجهل ،
سأشق على نفسي ، فلا تأتي الراحة إلا بعد الإرهاق و الجهاد ! ، بسم الله الرحمن الرحيم ، أستغفر الله ، اللهم إني أتوكل عليك ، اللهم وفقني في ذلك ..
لأننا نخشى نظرة الآخرين عندما تتغير (كما نظن) عِندما نبدو ضِعافاً عِندَ الإعتراف بالخطأ الذي اقترفناه والإعتِذار عليه، وكأننا في ذلك نجعلُ كبرياءنا كالتُراب، يُداس... غاضينَ البصر عن أصلنا وهُوَ التُراب وأننا لسنا لنا :) فما نحنُ إللا أمانة وستُرَد قريباً لصاحبها وسنكون مجبورين حينها على الإعتراف بما فعلنا، ومِن المُخجل أن لا نَعتذِر عليه... | وفي الحقيقة نحنُ نخشى نظرة الناس دائِماً، لهذا نُريد أن نبدو كـ من لا يُخطِئ حتى لا يعتَذِر.. وفي ذلكَ قِمّة الضَعف!!
ردحذفصحيح .. و كل الحق معكِ .. تباً لمن يرى التراب و ينسى ما بداخله !! و يبقى الاعتراف بالذنب فضيلة و أحد أساسات النجاح !
ردحذف